الأكل العاطفي والوجبات المريحة في الأزمات

قد يتساءل كثير ممن يشاهد ما يجري من أحداث في غزة مؤخرا عن مدى ارتباط حالته النفسية والمزاج المنخفض بعدد الوجبات التي يقوم بتناولها أو حتى حجم الوجبات التي زاد عن الحد المنطقي لوجباته المعتادة وبالتالي لربما زاد وزنه في الثلاثة أسابيع الماضية ٢ إلى ٤ كيلو .. أو تغيرت عاداته اليومية التي اعتادها مثل المشي أو الرياضة أو حتى التركيز في الدراسة والعمل .. دعونا نتفق أن كل ما يحصل من حولنا سنتأثر به شئنا أو أبينا .. فما بالنا بأحداث محورية مثل قضية فلسطين التي لها مكانة دينية ورمزية في قلوبنا وتأثير على مجرى التاريخ في أوطاننا العربية ..

 

 

الأكل العاطفي يحدث أن الانسان يلجأ للطعام الذي يساعده على تقليل مشاعر الحزن والتوتر والقلق ربما كما أنه أحيانا يحفّز ذكريات إيجابية ويوفّر شعورًا بالراحة، لكن عادة ما تكون هذه  الأطعمة  توفّر رضاً وسعادة مؤقتة لا تلبث أن تنتهي معها هذه المشاعر عند انتهاء الوجبة ..

و يميل الناس في هذه الأوقات العصيبة إلى تناول الأطعمة الدهنية والحلويات والوجبات السريعة ، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى زيادة الوزن وتدهورالحالة الصحية..

 

ونعم هناك الكثير من الحقيقة وراء عبارة “الأكل الناتج عن التوتر”.لأن الإجهاد والهرمونات التي يطلقها وتأثيرات “الأطعمة المريحة” الغنية بالدهون والسكريات تدفع الناس نحو الإفراط في تناول الطعام. وقد ربط الباحثون زيادة الوزن بالتوتر، ووفقًا لمسح أجرته جمعية علم النفس الأمريكية، فإن حوالي ربع الأمريكيين يصنفون مستوى التوتر لديهم بـ 8 أو أكثر على مقياس مكون من 10 نقاط.

 

على المدى القصير، يمكن للتوتر أن يوقف الشهية. يرسل الجهاز العصبي رسائل إلى الغدد الكظرية الموجودة أعلى الكلى لضخ هرمون الإبينفرين (المعروف أيضًا باسم الأدرينالين). يساعد الإبينفرين على تحفيز استجابة الجسم للقتال أو الطيران، وهي حالة فسيولوجية متسارعة توقف تناول الطعام مؤقتًا، لكن إذا استمر التوتر، فالأمر مختلف. تفرز الغدد الكظرية هرمونًا آخر يسمى الكورتيزول، ويزيد الكورتيزول من الشهية وقد يزيد أيضًا من الدافع بشكل عام، بما في ذلك الدافع لتناول الطعام. بمجرد انتهاء نوبة التوتر، يجب أن تنخفض مستويات الكورتيزول، ولكن إذا لم يختفي التوتر – أو إذا كانت استجابة الشخص للضغط النفسي عالقة في وضع “التشغيل” – فقد يظل الكورتيزول مرتفعًا.. وبالتالي تبقى الشهية في مستويات عليا ..

 

ويبدو أن التوتر يؤثر أيضًا على تفضيلات الطعام. أظهرت العديد من الدراسات – التي تم إجراؤها على الحيوانات – أن التوتر الجسدي أو العاطفي يزيد من تناول الأطعمة الغنية بالدهون أو السكر أو كليهما. قد تكون مستويات الكورتيزول المرتفعة، بالإضافة إلى مستويات الأنسولين المرتفعة، مسؤولة عن ذلك

كما تشير أبحاث أخرى إلى أن هرمون الجريلين، وهو “هرمون الجوع”، قد يكون له دور في ارتفاع الشهية عند ارتفاع التوتر

وبمجرد تناول الأطعمة المليئة بالدهون والسكر، يبدو أن لها تأثيرًا رجعيًا يخفف من الاستجابات والعواطف المرتبطة بالتوتر..

 

وبطبيعة الحال، الإفراط في تناول الطعام ليس هو السلوك الوحيد المرتبط بالتوتر الذي يمكن أن يزيد الوزن. يفقد الأشخاص المجهدون أيضًا قدرتهم على النوم، ويمارسون رياضة أقل ، وكل ذلك يمكن أن يساهم في زيادة الوزن.

 

تشير بعض الأبحاث إلى وجود اختلاف بين الجنسين في سلوك التعامل مع التوتر، حيث تكون النساء أكثر عرضة لتناول الطعام والرجال إلى الكحول أو التدخين..  كما أظهرت دراسة فنلندية شملت أكثر من 5000 رجل وامرأة أن السمنة كانت مرتبطة بالأكل المرتبط بالتوتر لدى النساء ولكن ليس لدى الرجال.

 

إن كمية الكورتيزول التي ينتجها الأشخاص استجابةً للإجهاد قد تؤثر أيضًا في معادلة زيادة الوزن والضغط. في عام 2007، صمم باحثون بريطانيون دراسة بارعة أظهرت أن الأشخاص الذين استجابوا للتوتر بمستويات عالية من الكورتيزول في بيئة تجريبية كانوا أكثر عرضة لتناول الوجبات الخفيفة استجابة للمتاعب اليومية في حياتهم العادية مقارنة بالأشخاص الذين لديهم مستويات منخفضة من الكورتيزول.

ودائما ما أقول أن أولى خطوات علاج المشاعر المتربطة بالطعام هي الوعي بها ، كثير من الأحيان نشعر بالتعب أو العطش نفتح الثلاجة ونأكل ! ولربما مدونة هنا أو كتاب هناك يساعد في تشخيص حالتنا النفسية وتقييم مدى ارتباطنا مشاعريا بالطعام

 

 

ومن المهم التأكيد على تنظيف الثلاجة والخزائن من الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات لأن إبقاء هذه “الأطعمة المريحة” في متناول يديك هو مقاومة إضافية في حالة المشاعر المزعجة المتراكمة

 

أما عن  الطرق التي ينبغي أن تساعدنا في مثل هذه الحالات التواصل مع شخص ثقة أو مختص نفسي والبوح حول المشاعر التي نشعر بها لأن (الفضفضة ) قد تساعد في فهم المشاعر المؤدية لإدمان الطعام أو الحلويات .. ونعم لا يمكننا أن نغفل أهمية الدعم الاجتماعي ، ومن الدراسات يبدو أن الأصدقاء والعائلة ومصادر الدعم الاجتماعي الأخرى لها تأثير  على التوتر الذي يعاني منه الناس ، حيث تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يعملون في ظروف مرهقة وضاغطة نفسيا، مثل أقسام الطوارئ في المستشفيات، يتمتعون بصحة نفسية أفضل إذا حصلوا على دعم اجتماعي كافٍ..

 

 

وفي الجانب الحركي ينصح في الفترات الضاغطة أن لا نقوم بإجهاد عالي في الحركات والتمارين الرياضية ، ونختار التمارين التي تساعد على تقليل التوتر مثل البلاتس أو المشي في الطبيعة .. واليوغا فقد أظهرت دراسات لا حصر لها أن التأمل يقلل من التوتر و قد يساعد  أيضًا  على أن يصبح الأشخاص أكثر وعيًا بخياراتهم الغذائية.

 

كمختصة في مجال الوعي الصحي لا شك أني هناك مئات الحالات في العيادة يكون محور التغيير الحقيقي في رحلة خسارة أوزانهم هي فهم فكرة إدمان الطعام والمشاعر المرتبطة به .. وكما السحر يتغير الوزن ونصل للهدف  المنشود عند فهم المشاعر العاطفية للوجبات المريحة !

الكاتب : رولا دايت

موقع يهتم بتقديم دورات و محتوي خاص بالتغذية و الريجيم و كل ما يخص صحتك

شارك :
هل تحتاج مساعدة؟